الطاعة هي أول وأهم صفات الزوجة الصالحة تزداد معها درجة السكينة والحب والمودة والرحمة
بين الزوجين باعتبارها أهم مطالب المقبلين على الزواج، وقد قال تعالى في سورة النساء
( ... فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) 34،والقنوت معناه الطاعة لله ورسوله
عموما لكنه هنا جاء بمعنى إضافي وهو طاعة الزوجة لزوجها خصوصا مع طاعتها لله ولرسوله،
وقد فسر ابن عباس رضي الله عنهما وغيره كلمة القانتات هنا بالمطيعات لأزواجهن،
وهذا موجود في معظم التفاسير، على الرغم من أن أصل القنوت في القرآن هو الخضوع لله ولرسوله
بكثرة القيام والدعاء والخشوع، وهذه الآية الكريمة جمعت بين وصفين للزوجة الصالحة
أولهما أنها قانتة للزوج في حال حضوره، وثانيهما أنها حافظة له في حال غيابه،
وهذان هما جناحا السعادة الزوجية وهنائها ونعيمها.
وفي الآية السابقة أثنى الله عز وجل على الزوجات القانتات لأزواجهن نظراً لعظم حقهم على زوجاتهم
ولأن استقرار الأسرة لا يتحصل ولا يتحقق إلا بتلك الطاعة وذلك القنوت،
وإن الزوجات المطيعات هن وحدهن القادرات على تربية أبناء وبنات بارين بآبائهم مطيعين لهم
وبذلك يتم توارث هذا الخلق عبر الأجيال وينتقل من الأمهات للبنات ومنهن للحفيدات ثم للذّريات.
ويحق لنا أن نتساءل؛ لماذا وصف الله تعالى في الآية الكريمة الزوجات الصالحات بوصف
" قانتات " وليس بوصف " طائعات أو مطيعات "، ولماذا جعل للزوج نصيبا من القنوت
بإيجاب طاعة زوجته له مع أن أصل القنوت طاعة لله ولرسوله؟.
إنه في الحقيقة ثناء خاص و" مدح فيه اختصاص " ووصف عظيم من رب كريم ووسام تشريف وتكريم
لا تستحقه إلا الزوجات المطيعات، ولم يستعمله رب العزة في كتابه إلا مع ذاته سبحانه ثم مع رسوله صلى الله عليه وسلم
حيث قال سبحانه ( ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما )
الأحزاب: 31، وقد تكرر ذكر القنوت في القرآن 13 مرة، ثلاث منها شُملت فيها الزوجات.
ولعل الجواب يتمثل في كون القنوت طاعة متميزة وطاعة متألقة وطاعة راقية وطاعة رائعة وطاعة فائقة
وطاعة متفانية غير متناهية، وقد قال أهل اللغة عن القنوت أنه " لزوم الطاعة مع تمام الخضوع "،
ويستفاد من قولهم "لزوم الطاعة " أنها تصبح ملَكَةً وخُلقا أصيلا ولازما لا ينفصل عن ذلك المطيع فهو دوما في طاعة،
ويستفاد من قولهم " مع تمام الخضوع " أن طاعة أولئك في أقصى درجات التواضع والانقياد للمُطاع.
وقد جعل الله تعالى قنوت الزوجة الصالحة لزوجها أول وصف لها لأن الطاعة داخل الأسرة
أهم حق من حقوق الزوج على زوجته وأسرته، وقد منحه الله تعالى هذا الحق وخصه به،
وفرض وأوجب على الزوجة طاعته