صفة فراش الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم وما يناسبه
كان لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم فراش من أدم ، حشوه ليف ، طوله ذراعان أو نحوهما ، وعرضه ذراع وشبر أو نحوه ، وكان متقللا من أمتعة الدنيا كلها ، وقد أعطاه الله تعالى مفاتيح خزائن الأرض كلها ، فأبى يأخذها واختار الآخرة عليها .
وسئلت عائشة رضي الله عنها ما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيتك ، قالت : من أدم حشوه من ليف . والأدم جمع أديم على غير القياس وهو الجلد المدبوغ ويجمع على أدم .
وعنها رضي الله عنها قالت : دخلت علي امرأة من الأنصار فرأت فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قطيفة مثنية فبعثت إلى بفراش حشوه الصوف فدخل علي النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : ما هذا يا عائشة ؟ قلت : يا رسول الله فلانة الأنصارية دخلت فرأت فراشك فبعثت إلي بهذا . فقال : رديه يا عائشة فو الله لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة . والقطيفة دثار له خمل .
وسئلت حفصة رضي الله عنها : ما كان فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيتك ؟ قالت : مسحا نثنيه ثنيتين فينام عليه . فلما كان ذات ليلة قلت : لو ثنيته أربع ثنيات لكان أوطأ له فثنيناه له بأربع ثنيات فلما أصبح قال : ما فرشتمولي الليلة ؟ قالت : قلنا هو فراشك إلا أنا ثنيناه بأربع ثنيات ، قلنا هو أوطأ لك ، قال : ردوه لحالته الأولى فإنه منعتني وطأته صلاتي الليلة . والمسح كساء خشن من صوف يعد للفراش ، ومعنى أوطأ ألين ، من وطؤ الفراش فهو وطئ ، كقرب فهو قريب .
وكان له صلى الله عليه وآله وسلم عباءة تفرش له حيثما انتقل ، تثنى طاقين تحته ، وكان صلى الله عليه وآله وسلم كثيرا ما ينام على الحصير وحده ليس تحته شيء غيره .
وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غرفة كأنها بيت حمام وهو نائم على حصير قد أثر بجنبه فبكيت فقال : ما يبكيك يا عبدالله ؟ قلت : يا رسول الله كسرى وقيصر يطؤون على الخز والديباج والحرير وأنت نائم على هذا الحصير قد اثر في جنبك ! فقال : لا تبك يا عبدالله فإن لهم الدنيا ولنا الآخرة .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حدثني عمر بنا لخطاب رضي الله عنه قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو على حصير ، قال : فجلست فإذا عليه إزار وليس عليه غيره وإذا الحصير قد أثر في جنبه وإذا بقبضة من الشعير نحو الصاع وإذا أهاب معلق ، فابتدرت عيناي فقال : ما يبكيك يا ابن الخطاب ؟ فقلت : يا نبي الله ، وما لي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك ، وهذه خزائنك لا أرى فيها ألا ما أرى وذاك كسرى وقيصر في الثمار والأنهار ، وأنت نبي الله وصفوته وهذه خزائنه ! قال : يا ابن الخطاب أما ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا ؟ أولئك قوم عجلت له طيباتهم وهي وشيكة الانقطاع ، وإنا قوم أخرت لنا طيباتنا في آخرتنا .
وعن عائشة رضي الله عنها قال : كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرير مرهل بالبردي ، عليه كساء أسود ، وقد حشوناه بالبردي ، فدخل أبو بكر وعمر عليه فإذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم نائم عليه ، فلما رآها استوى جالسا فنظراه فإذا أثر السرير في جنب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالا : يا رسول الله ما يؤذيك ما نرى من خشونة فراشك وسريرك ، وهذا كسرى وقيصر على فرش الديباج ! فقال صلى الله عليه وآله وسلم : لا تقولا هذا فإن كسرى وقيصر في النار وإن فراشي وسريري عاقبته إلى الجنة . وما عاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مضطجعا قط ، إن فرش له اضطجع وإلا اضطجع على الأرض . ومعنى مرهل : منتفخ ، والبردي : نبات . وتغطى صلى الله عليه وآله وسلم باللحاف . قال صلى الله عليه وآله وسلم : ما أتاني جبريل وأنا في لحاف امرأة منكن غير عائشة . وكان وساده صلى الله عليه وآله وسلم الذي يتكئ عليه من أدم حشوه ليف .
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم متكئا على وسادة على يساره . وكان صلى الله عليه وآله وسلم يصلي على الحصير . وكان صلى الله عليه وآله وسلم يصلي على بساط . وكان صلى الله عليه وآله وسلم يستحب أن تكون له فروة مدبوغة يصلي عليها .