السلام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دين السلام
حينما أمر الله رسوله محمدا ًصلى الله عليه وسلم بتبليغ الدعوة كان الأساس فيها هو السلام ونبذ العداوة والخصام والتضامن والتعاون ، وتنأى عن العنف والظلم والعُدوان بل كثيرا ًما تُقابل الظلم والعُدوان بالعفو والتسامح والغفران.
وحسبنا مالقيه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه منذ بدأت الدعوة إلى الإسلام من الأذى والعَنت وما قامت به قريش نحوهم من الخصام الفاجر والعداء السافر على مدى ثلاثة عشر عاما ًقبل الهجرة من مكة إلى يثرب وكيف تحمَّل الرسول وصحبه هذه المتاعب وصبروا على تلك الويلات القاسية والآلام الجسام حتى لقد كانو يشكون إلى رسول الله من فرط ما يُصيبهم فيقول لهم : أصبروا فإنى لم اؤمر بقتال . ومن يتتبع الآيات القرآنية التى تعرَّضت للقتال يتجلى له أنها تهدف أوَّلا وأخيرا ّإلى إقرار السلام ومقاومة الظلم والطغيان والبغى والعدوان ، وإنها تدعو إلى الدفاع عن الدعوة إذا وقف أحد فى سبيلها بفتنة من آمن ، أو بصَدِّ من أراد الدخول فى الإسلام أو بمنع الداعى إلى الإسلام من تبليغ دعوته ، وفى ذلك يقول الله سبحانه فى سورة الحج :" أُذِن للذين يُقاتَلون بأنهم ظُلِموا وإن الله على نصرهم لقدير ،الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق ألا أن يقولوا ربنا الله ولولا دَفْعُ الناس بعِْضَهم ببعض لهُدِّمت صَوامِعُ وبَيعٌ وصلوات ومَساجدُ يُذكرُ فيها إسم الله كثيرا ً وليَنصُرَن الله من ينصره إن الله لقوىٌ عزيزٌ، الذين إن مكانهم فى الأرض أقاموا الصلاة وآتو الزكاة وأمروا بالمعروف ونهَوْ عن المُنكر ولله عاقبة الأمور " فقد أذن الله سبحانه فى هذه الآيات - كما ترى - للمسلمين أن يقاتلوا الذين يقاتلونهم وذكر الأسباب التى من أجلها كان هذا الإذن :1 – دفع الظلم 2 – إسترداد الحق 3 – وإقامة المجتمع الصالح الذى إذا مكن له الأرض أقام الصلاة وآت الزكاة وأمر بالمعروف ونهى عن المنكرأضف إلى ذلك سببا رابعا ًوهو- 4 -أن الحياة صراع بين الخير والشر والحق والباطل وان الحق إذا لم تكن له قوة تحميه تزلزلت أركانه وانهار بنيانه وطغى عليه الباطل حتى أطفئ نوره وأزال وجوده .
وبعد أن ردَّ المسلمون الظلم والعدوان الذى أصابهم وانتصروا على أعدائهم فى غزوة بدرنزلت الآيات تأمرهم بقتال من يتعرَّض لهم بسوء أويَبْتدؤهم بشرٍّ، فيقول سبحانه فى سورة البقرة : "وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا إن الله لايحب المعتدين " . ثم يأمرهم بالجنوح للسلم متى جنح أعداؤهم لأن الغرض هو تأمين الدعوة وألاتكون فتنة والسلام كفيل بذلك ولو كان الجانحون للسلم يريدون الخداع ويخفوه وراءه الأطماع وفى ذلك يقول سبحانه ::"وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم، وإن يريدون أن يخدعوك فحسبك الله هو الذى أيَّدك بنصره وبالمؤمنين "
وهذه الأسباب دفعت الرسول إلى قتال المشركين ، وكيف أنه صلوات الله وسلامه عليه لم يكن يوما باغيا ولاظالما ولامُعتديا وإنما كان أبدا يقاوم الظلم والعدوان وكان أصحابه البررة يسيرون من ورائه فى هذا السبيل القويم ، وما يُقال عن فتح مكة وإنه كان هجوما واضحا من المسلمين على المشركين إنما هو مُجَرَّد إدِّعاء بل هو محْض افتراء لأن الرسول فى غزوة الفتح إنما كان يَرُدُّ عدوان قريش التى أخلفت الوعد ونقضت العهد الذى أبرمته مع الرسول فى صلح الحديبية وغدرت بقبيلة خُزاعة المتحا لفة مع الرسول صلى الله عليه وسلم . وإن الإنسان ليعجب كيف بلغ النبى عليه الصلاة والسلام فى قيادة المعارك والتخطيط لها هذا المدى وهولم يخُض حربا ًولاغشى معركة حتى بلغ من العمر ثلاث وخمسين سنة ؛ اللهم حرب الفجار الى كانت بين قريش وكنانة وقد كان سنه فيها لايبلغ العشرين ولم يكن له عمل سوى جمع السهام لأعمامه ، لاشك أن هذه المهارة وهذا النبوغ إنما كان من المولى سبحانه وتعالى فهو الذى تولى تأديبه وتعليمه .
وحَقيقة ًفإن الدين الإسلامى ليس دين حرب وخصام ، وأن الحروب التى قامت بين الرسول وأعدائه إنما كانت لردِّ الظلم ولتأمين الدَّعوة الإسلامية من عواصف الزَّيْغ وحمايتها من عدوان الباغين وبَغْى المعتدين .
هذا ومن الله العون وبه التوفيق .