عالم تقي وطاغيه بغي السلام عليكن جميعا يا حبيباتي فالله كيف حالكن؟
انقضت سريعا الايام الطاهرات المباركات وسبحان الحي الذي لا يموت ولا يتغير
انا استوحيت موضوعي صراحه من حلقه جميله رائعه من برنامج "" ليت أني"" لشيخنا الفاضل حسين يعقوب جزاه الله عنا خيرا
عن سعيد ابن جبير العالم التقي والحجاج الحاكم الطاغي
إذا أردنا التعريف ، فكلاهما غنى عن أن يعرف ، فمن منا لا يعرف سعيد بن جبير ، الإمام ، التابعي ، المفسر ، المحدث ، الفقيه
وكان من كبار العلماء الزهاد وكان ابن عباس رضي الله عنه يعظمه " ، ويقول
عنه ابن حبان فى " الثقات " : " كان فقيها ، عابدا ، ورعا " .....
...، وعن عبادته يروى
عبدالله بن مسلم بن هرمز عن حال صلاته فيقول : " وما رأيته يصلى الا كأنه
وتد " ، ويقول القاسم ابن أبى أيوب : " كان سعيد بن جبير يبكى بالليل حتى
عمش " أما عن علمه ، فيقول عنه تلميذه خصيف : " كان أعلم التابعين بالطلاق
سعيد بن المسيب ، وبالحج عطاء وبالحلال والحرام طاووس وبالتفسير أبو الحجاج
مجاهد جبر ، وأجمعهم لذلك كله سعيد بن جبير "
وكان سعيد رحمه الله الى
جانب مكانته العلمية وتحديثه وفقهه وورعه وتقواه ، مستجاب الدعوة ، وقد دعا
على الحجاج ألا يسلطه على أحد بعده ، واستجاب الله له ، وقد تمنى رحمه
الله الشهادة وطلب من الله أن ينالها ، فاستجاب الله له
أما الحجاج
،
فمن منا أيضا لا يعرفه ، من منا لم يسمع بخطبته الشهيرة فى بداية توليته
على العراق والتي مبدؤها : " انى والله لأرى أبصارا طامحة وأعناقا متطاولة
ورؤوسا قد أينعت وحان قطافها واني أنا صاحبها ، كأني أنظر إلى الدماء ترقرق
بين الجماجم واللحى ، ان أمير المؤمنين نثر كنانته فوجدنى أمرها طعما ،
وأحدها سنانا ، وأقواها قداحا ، فان تستقيموا تستقم لكم الأمور وان تخونوا
تجدونى لكل مرصد مرصدا ، والله لا أقيل لكم عثرة ولا أقبل منكم عذرة ...." ،
وفى " الكامل " لابن الأثير ، قال الأوزاعى : قال عمر بن عبد العزيز : "
لو جاءت كل أمة بخبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم "
وقد أحصى من قتله الحجاج صبرا فكانوا مائة وعشرين ألفا .
[b]المواجهة إذا هنا بين
رجلين ، أحدهما طغى ، وبغى ، وأفسد فى الأرض ، وظلم وتجبر ، وأولع فى دماء
الخلق ، ورجل آخر ملأ الإيمان قلبه ، وأقبل على ربه ، وزهد فى الدنيا
ومتاعها ، وفرغ همه كله للآخرة ، .. ، مواجهة بين حق وباطل ، بين هدى وضلال
....
وكلا
الرجلين لم يرغب فى هذه المواجهة ، فقد كان سعيد رحمه الله حريصا ، أشد
الحرص على عدم إثارة الفتن ، وكان يرفض المطالبة بخلع الحجاج والخروج على
عبد الملك بن مروان ، لما يرى فيها من إراقة لدماء المسلمين واستباحة
لمحارمهم ، لذلك كان يقول لهم عندما سألوه عن رأيه فيها ، كما فى " تذكرة
الحفاظ " للذهبي : " الرأي أن تكفوا عما تريدون فان الخلع فيه الفتنة ،
والفتنة فيها سفك الدماء ، واستباحة للمحارم ، وذهاب الدين والدنيا " ،
فقال له الناس : انه الحجاج ، وقد فعل ما فعل ، وراحوا يذكرون له بشاعة ما
ارتكبه ، ولم يزالوا به حتى سار معهم وهو كاره .........
خرج سعيد مع من خرجوا مع عبد
الرحمن بن محمد بن الأشعث ، فلما هزمه الحجاج ، هرب سعيد إلى أصهبان ، ثم
إلى أذربيجان ، ثم إلى مكة ، فلما وليها خالد بن عبد الله القسرى ، قيل
لسعيد : انه رجل سوء ، فلو سرت عن مكة ، فقال : والله لقد فررت حتى استحييت
من الله ، وسيجيئني ما كتب الله لى .
فلما جئ بسعيد ورآه أمامه مقيدا شتم خالد بن عبدا لله القسرى لأنه هو الذي أرسله ...
[b]أقبل الحجاج على سعيد وهو مكبل بالقيود ، وقال له مستهزئا به : أنت شقي بن كسير ؟
قال سعيد : بل كانت أمي أعلم باسمي منك
قال الحجاج : شقيت وشقيت أمك
قال سعيد : الغيب يعرفه غيرك
قال الحجاج : أما قدمت
الكوفة وليس يؤم بها إلا عربي فجعلتك إماما ..، أما وليتك القضاء ، وأمرت
أبا بردة الأشعري ألا يقطع أمرا دونك ..، أما أعطيتك مائة ألف درهم تفرقها
على أهل الحاجة فى أول ما رأيتك ثم لم أسألك عن شيء منها ؟ ، قال سعيد :
بلى ، قال : فما أخرجك على ؟
قال سعيد : بيعة كانت فى عنقي لابن الأشعث ...
قال الحجاج : أما كانت بيعة أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان فى عنقك من قبل ؟ .. فلأبدلنك بالدنيا نارا تلظى
قال سعيد : لو علمت أن ذلك بيدك لاتخذتك إلها
قال الحجاج : لأقتلنك ... ، اختر لنفسك ، أي قتلة شئت
قال سعيد : بل اختر لنفسك يا حجاج فان القصاص أمامك
قال الحجاج : اذهبوا به فاقتلوه
قال سعيد : أشهد ألا
اله إلا الله ، أستحفظكها يا حجاج حتى ألقاك يوم القيامة ، فلما ذهبوا به
ضحك ، قال الحجاج : ما أضحكك ؟ ، قال سعيد : عجبت من جرأتك على الله وحلم
الله عليك ، ثم قال : دعوني أصلى ركعتين ، فلما توجه الى القبلة قال : "
انى وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين "
قال الحجاج : حولوه عن القبلة
قال سعيد : " فأينما تولوا فثم وجه الله "
قال الحجاج : اضربوا به الأرض
قال سعيد : " منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى "
قال الحجاج : اذبحوا عدو الله فما أنزعه لآيات القرآن منذ اليوم
قال سعيد : أشهد ألا اله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، ثم دعا ربه قائلا " اللهم لا تسلطه على أحد بعدى ".
كان سعيد رحمه الله
أثناء تنفيذ حكم الإعدام شامخا ، ثابت الجنان ، لم يتردد ، ولم يهن ، ولم
يضعف ، ولم يرعبه الموقف ، بل كان واثقا بربه ، مستعليا بإيمانه ويقينه
....
[b]ولم
يعش الحجاج بعد قتله لسعيد بن جبير إلا أربعين يوما ، وقيل خمسة عشر يوما ،
التبس عليه فيها عقله ، وكان الناس يسمعونه يردد دائما " ما لى ولسعيد بن
جبير ، ما لى ولسعيد بن جبير "
وكان لمقتل هذا الإمام
الفذ أثرا بالغا فى نفوس العلماء فى عصره ، فقد قال الحسن البصري رحمه
الله لما بلغه الخبر : " اللهم العن فاسق ثقيف ، اللهم العن فاسق ثقيف ،
والله لو أن من بين المشرق والمغرب اشتركوا فى قتله لكبهم الله فى النار " ،
وقال ميمون بن مهران : لقد مات سعيد بن جبير وما على الأرض أحد إلا وهو
محتاج إلى علمه ..
رحم الله الإمام
الفقيه المحدث المفسر المقرئ الشهيد : سعيد بن جبير ، وجمعنا معه ومع أئمة
الهدى من الصحابة والتابعين فى مستقر رحمته ، انه ولى ذلك والقادر عليه .
بقلم/هشام النجار
منقول عن موقع الجماعه الاسلاميه بتصريف يسير
[/b][/b]
[/b]