عدد المساهمات : 3460 تاريخ التسجيل : 16/08/2011 الموقع : مصريه
موضوع: اسرار زعماء مرضى الأربعاء أغسطس 31, 2011 9:33 pm
ماء مرضى
بهلوي وناصر وروزفلت .. أسرار زعماء على فراش المرض
غلاف الكتاب محيط – سميرة سليمان يتعلق موضوع كتاب الدكتور باسم عادل عبد الصادق المستشار الإعلامي بالمركز المصري للدراسات والبحوث الإعلامية "زعماء على فراش المرض: أسرار لم تنشر من قبل" التي نُشر عام 2001، بتأثير المرض على اتخاذ الحاكم لقراره، وهناك كثير من الزعماء المرضى الذين أوقعوا البشرية في شراك الهول والدمار كنتيجة لتصرفاتهم الناتجة عن أمراضهم العضوية أو النفسية. يضرب الكتاب المثل بالزعيم الألماني أدولف هتلر الذي كان مصاباً بالبارانويا أو التعصب الأعمى، فحول العالم كله إلى جحيم بعد أن أوقع به في براثن الحرب العالمية الثانية التي راح فيها عشرات الملايين من الضحايا والأبرياء. كل ذي عاهة جبار يقول مؤلف الكتاب : اتفق المؤرخون والساسة على أن الرئيس الأمريكي الثاني والثلاثين فرانكلين روزفلت هو واحد من أعظم ثلاثة رؤساء في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، كان روزفلت نبيلاً بالوراثة ومع ذلك تحمس للبسطاء وآمن بهم، وناضل من أجل الدفاع عن حقوق الطبقات الدنيا في المجتمع الأمريكي، ولقد عشق العالم كله روزفلت لأنه كان يتمتع بشخصية جذابة. روزفلت رئيس امريكا السابق ومعجزة هذا الرجل أنه فعل ذلك من فوق مقعده المتحرك، واستطاع أن يخوض المعارك الشرسة وسيقانه لا تقوى على حمله، حيث أصيب روزفلت بالشلل عام 1921، حين حاول إخماد حريق في الغابة قبل أن يتم الأربعين من عمره بعام واحد. كان روزفلت متأثراً جدا ًبالإعاقة وشديد الاهتمام بالمعوقين وخاصة مرض شلل الأطفال، وقد أمر بتخصيص كل إيراد حفلاته التي تقام في أعياد ميلاده لمعالجة المرضى المصابين بالشلل في العيون المعدنية بجورجيا. كان روزفلت يتصرف بطاقة عشر رجال معاً، هكذا جعله مرضه يسرف في علاقاته الغرامية من أجل إثبات الذات والاستمرار في محو مركب النقص من ذاكرة كل المحيطين به. اشترك روزفلت في الحرب العالمية الثانية ليثبت للعالم أن الرئيس القعيد يمكنه أن يقذف الرعب في قلوب الأعداء، لذلك كان رئيسا محبوبا من العالم لأنه لم يكن يعترف بالإخفاق وقال يوما : "إن الإخفاق مهما جعل المستقبل في عيني المرء أسوداً حالكاً، فإن خير وسيلة للتغلب على الفشل أن ننساه، ثم نستأنف الجهاد مصرين على النجاح بثقة وعزم". مرض عبد الناصر عاش الرئيس جمال عبد الناصر صراعاً طويلاً مع المرض، والذي هاجمه فجأة في نهاية عام 1958، حين اكتشف أنه مريضأً بالسكر، وقتها كان عبد الناصر في الأربعين من عمره، وكان في قمة انتصاراته بعد معركة السويس عام 1956. وتركت أحداث الانفصال بين مصر وسوريا عام 1961، آثاراً نفسية سيئة لدى عبد الناصر ساعدت على تذبذب منحنى السكر، لذا استدعى المشير عبدالحكيم عامر طبيبا من النرويج لعلاجه ، وقد اختار بلدا صغيرة يصعب تسريب الخبر عنها لمخابرات الدول الكبرى . عبد الناصر وقال د. رفاعي كامل للمؤرخ العسكري جمال حماد أن الطبيب النرويجي زعم أن عبدالناصر مصاب "بالبارانويا"، وهو مرض يتمسك المصاب به بأفكار خاطئة ويصر على تنفيذها مهما كانت النتائج، لكن المحللين نفوا ذلك تماما، وقالوا أن عبدالحكيم أيضا لم يستخدم تقرير الطبيب بعد صراعه مع عبدالناصر والإتهامات التي أحاطت به بعد نكسة 1967. بعد نكسة يونيو 67 عانى عبد الناصر من آلام شديدة في الساقين كانت تضطره لجرهما جرا ، وقد سافر للإتحاد السوفيتي للعلاج، ورغم علاجه وقتها إلا أن أزمة قلبية داهمته في 1969 الأمر الذي دفع طبيبه الروسي المعالج إلى القول: "..أدركت أن حياته المتوترة لا تناسب رجلاً شديد المرض مثله، مصاباً بجلطات متفرقة في الأوعية الدموية وشرايين القلب التاجية". ويذكر الأستاذ محمد حسنين هيكل أن عبد الناصر كان يعرف أنه لن يعيش طويلاً، وحينما سأله هيكل عن كتابة مذكراته رد : "سوف تكتبها وحدك فما أظن أن العمر سيطول بي، فمن يعيش نوع الحياة التي أعيشها إذا طال به الزمن فسوف يخرف". وكما يقول مؤلف الكتاب فإن تعيين ابنة الزعيم عبد الناصر هدى سكرتيرة له، يعد من القرارات الهامة التي أصدرها عبد الناصر في مرضه، لكي تدير شئون والدها من غرفة بجانب غرفة نومه، ومن قراراته التي تسبب فيها مرضه هو تكليف أنور السادات بتشكيل لجنة لإدارة شئون البلاد، وفي أواخر عام 1969 قرر عبد الناصر تعيين أنور السادات نائباً له وهو أخطر القرارات على الإطلاق وقد تسبب فيه ظروف عبدالناصر الصحية، على حد قول المؤلف. شاة ايران السابق محمد رضا بهلوى انفصام الشاه للشاه محمد رضا بهلوي قصة طويلة ودامية مع المرض، استمرت ما يقرب من 26 عاما، فقد عرف آلام البطن والجراحات منذ أمد بعيد، كما أنه تعرض للإصابة بالفشل في وظائف بعض الأعضاء الهامة في الجسم، وأصيب أيضاً بأمراض واضطرابات نفسية بالغة الصعوبة وانتهت حياته متأثراً بمرض السرطان. وقد ذكرت بعض المراجع التي تخصصت في التاريخ والتعليق على حكم الشاه أنه قد أصيب بانفصام بالشخصية منذ مرحلة المراهقة، وقد دللوا على ذلك أنه كان يتكلم كثيراً عن الهوية والحضارة والتراث واستعداده للدفاع عن المقدسات الإسلامية في الأراضي المحتلة، وفي نفس الوقت فإنه يعترف بصداقته لإسرائيل ويهين تعاليم الدين الإسلامي! في أواخر عام 1973 اشتدت المعارضة الداخلية والخارجية ضد الشاه، ووجد نفسه محاصراً بين فلول الغاضبين والثائرين من أبناء الشعب الإيراني حتى خرج الشاه من إيران مجبراً في عام 1979، وهنا بدأت تسوء حالته النفسية جداً وأصيب باكتئاب حاد حينما رفضت دول العالم استضافته، حتى عام 1980 حين استضافه أنور السادات في مصر. ويصف الكتاب أن الشاه تأثر بمرضه في معاملته مع المعارضين فقد كان عنيفا معهم، دموياً ضد الثائرين إلى حد أنه أباد ستين ألف فتى وفتاة من طلبة الجامعة في محاولة لردع ثورة الطلاب ضده. ووفقاً للكتاب فلم يتأثر حكم الشاه بمرضه العضوي كما تأثر بتركيبته النفسية، فهو كان مصاباً بجنون الاضطهاد وهوس العظمة، وكان يعتقد أنه بعيد عن الموت وأن السد المنيع من جنوده كفيل بأن يدفع عنه كل الشرور، والآثام والمحن. الرئيس الروسي يلتسين جنون يلتسين الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين كان بالفعل مثالاً للزعيم الذي لعب المرض والشيخوخة برأسه إلى الحد الذي أصبحت فيه حالته الصحية تشكل خطراً قومياً على مصلحة روسيا، على حد قول مؤلف الكتاب إلى الحد الذي يصفه المؤلف بأنه "ذهب عقله ثمناً للمرض وإدمان الفودكا". في مارس عام 1998 كانت خيبة الأمل شديدة والشعب الروسي يرى رئيسه يهذي أمام العالم في افتتاح أعمال القمة الثلاثين بموسكو، والتي دعا يلتسين إليها بجانبه كل من الرئيس الفرنسي جاك شيراك، والمستشار الألماني هيلموت كول، وعندما وقف ليعلن افتتاح القمة وبداية المحادثات قال وسط ذهول الجميع: أعلن افتتاح المؤتمر الصحفي بدلاً من أن يقول أعلن افتتاح القمة، وحين سارع سكرتيره الخاص لتنبيهه لتدارك الموقف نظر إليه يلتسين باحتقار ومضى يدعو الصحفيين لطرح الأسئلة!!. للرئيس بوريس يلتسين تصرفات وقرارات غريبة وخطيرة، فقد كان يواجه الأزمات بسياسة الصدمات ويتعامل مع معارضيه بقسوة ووحشية، فها هو يضرب البرلمان بدانات مدافع الدبابات، وذلك يرجع لأن أباه كان يتعامل معه بالكرباج إذا أخطأ، ومن ثم نشأ ليتعامل الرئيس مع أبناء شعبه بالمدفع والطائرة والدبابة. ملاحظات عابرة على هامش الكتاب يلاحظ المؤلف أن سمة القادة والزعماء هو إخفاء حقيقة مرضهم وأخبارهم الصحية عن أقرب المقربين لهم، خاصة إذا كانت شعوبهم اعتادت من قبل على انسحاب الرؤساء المرضى من بلاط الحكم، ولم تعد ترضى ببديل آخر عن هذا التقليد إلى الدرجة التي تطلب فيها المجالس النيابية تقديم تقرير عن صحة الرئيس بصفة دورية لبحث إمكانية صلاحيته لتولي رئاسة البلاد من عدمه. وقد حدث ذلك مع الرئيس الفرنسي ميتران الذي ظل ما يقرب من إحدى عشرة عاماً يخفي على شعبه أنه مصاب بالسرطان بعد تواطئه مع طبيبه الخاص كلود جوبلر حتى لا يقوم بتسريب أنباء مرض ميتران إلى الشعب الفرنسي، الذي بالطبع كان سيطالب بتنحية عن الحكم. وحفنة قليلة من القادة هم الذين صرحوا بأنباء عن تدهور حالتهم الصحية بل سمحوا للصحافة والإعلام المرئية والمسموعة أن تتابعهم وتنقل أخبارهم الصحية، رغبة من بعضهم في إرساء ملك ولي عهده والذي يكون في غالب الأمر أكبر أبنائه وسط تأييد شعبي وتعاطف يكتسبه ولي العهد من الظروف المرضية للحاكم الأصلي، وقد رأينا ذلك في سياسة المكاشفة التي اتخذها العاهل الأردني الملك حسين، الذي يتساءل الكتاب كيف يمكن لأي حاكم في أي بقعة من بقاع الأرض أن يعبر بوطنه إلى بر الأمان ويصل به إلى حالة الاستقرار وهو يملك تاريخاً مع المرض يمكن أن يدرس في مدارس الطب، مثلما فعل الملك حسين؟. ليختم المؤلف كتابه بالقول: لا يجب على الحكام إذا أصابهم الضعف أو المرض وأعاقهم عن تدبير أمور القيادة أن يعطلوا شعوبهم عصوراً عن المجد، لأنهم في ذلك الوقت قد يصيروا عمياناً وتصير شعوبهم في طريق الظلام والعمى!.